محسن الغالبي - السويد
فصبرا قبيحا
في احد تلك الأيام الخوالي والخالية من أي شيء حتى من كونها أياما، مجرد أرقام تتساقط فتتناقص من هذا العمر الذي فقد أهليته لتينك التسمية، وأقول صبراً جميلاً.
في احدها، ذلك الذي يدعى الخميس، سقطت عيني أو عيناي، لا فرق بين الأعور والمبصر، وما بين نصف الحقيقة وكلها مادام كلاهما يفتقدان إلى الحقيقة، سقطت عيناي على عينيها.
نظرة واحدة كانت كافية لاقتلاع عيني من محاجرها ولإعتاق روحي من هذا الجسد المتحجر. أليس هذا الذي يحدث لحظة الموت؟ تهجـر الروح الجسد، أو هو الذي يلفظها جزعا. فلماذا يخشاه الناس ويتحاشونه؟
لم يشهد اثنان لـذة الفراق كما شهداها تلك اللحظة، حين ودعت روحي جسدي لتلحق بها، وحين ودعني جسدي ليعيش حلم الالتحام بها.
أحيانا أتساءل، ما الذي تبقى مني بعدها؟ هذا الذي تبقى اصبح مشروعاً لخداع جسدي لا ادري كيف اُستدرجت إليه. طالما تساءلت لماذا لم أتفكر في إمكانية الخروج قبل الولوج، وإمكانية الهروب قبل السقوط. وبدل البحث عن دروب العتق كنت أوغل في التيه وفي الظلمات، وأقول صبراً جميلاً.
وتمر السنون، تتقاذفني رياح التفاهة والوضاعة من مكان إلى آخر، فاذا ما استيقظت ادركت اني أدور والتف حول جسدي ليس إلا، كراقص الميلاوية يراه وقد لا يراه الآخرون، حصيلته الصداع وظنه العروج إلى الله، لكنه ملتصق بالأرض، تماماً مثلي. وأقول صبراً جميلا.
الأمر، كل الأمر كان في غاية اللامعنى، أن ترى الجمال، وان تشهد له عيناك وروحك، ثم ترتع في عالم آخر مدعياً تسلحك بصبر تسميه جميلا. وأي جمال تبقى لديك وأنت تقبع هنا. وهي، هي هناك. وتقول صبراً جميلا. بل كان صبراً قبيحا، صبرا ضاق به صدري وتعفن به جسدي، وملّت به مني روحي فأدمنت الهجرة والهجران.
وحين أقلعت عن صبري، وفكرت في عناقها، لقبنـّي بعضهم بالمجنون، وسمـّاني آخرون خائناً، ووصفني رفاقي بالحالم.
وحين رست ذراعاي حول عنقها قالت، تأخرت كثيرا. أما ترى وجهي قد تلبـّد بالتجاعيد؟ فقلت في نفسي لا بأس، وتداركت ... صبراً جميلا.
◄ محسن الغالبي
▼ موضوعاتي
- ● لقاء
- ● ضباب
- ● ما حدث معي هذا الصباح
- ● شيء من العذاب
- ● شمس
- ● هوس شرقي
- ● وحل الوطن
- [...]
المفاتيح
- ◄ قصة قصيرة
- ● وماذا بعد؟
- ● النظّارة
- ● خرابيشُ خطّ
- ● بقرة حسين
- ● تاريخ
4 مشاركة منتدى
فصبرا قبيحا, أمل النعيمي _ الأردن | 25 شباط (فبراير) 2012 - 18:07 1
الأخ محسن الغالبي المحترم : لاصبرا جميلا ولاقبيحا كان ينفع وأنا اتلّهف بالتهام ماكتبت روعة والله روعة فقد اوغلت في عوالم قد لانعرف مبتداها ومنتهاها وذكاؤك الأدبي الخارق تطرّق لأول وربّما آخر مرّة للحب من أول نظرة بواقعيّته ورمزيته بهاذا الطرح الاستثنائي !! تعرف ذكرّني ماكتبت بنص للراحل الخالد بابداعه نزار قبني غناه كاظم الساهر : ممنوعة أنت من الدخول ياحبيبتي علي ممنوعة ان تجلسي أو تهمسي أو تلمسي يديّ ويستطرد أطلب أقلاما فلا يعطونني أقلام, طلب أيّامي الّتي ليس لها أيّام أسألهم برشامة تأخذني لعالم الأحلام حتى حبوب النوم قد تعوّدت مثلي على الصحو فلا تنام ! ممنوعة أنت.. يوم سمعت هذه الأغنية وروعة وعمق كلماتها ماتصوّرت يوما انني قد سمع أو أقرأ وصفا للأيام أو أي شيء عميق الفلسفة متناهي المسافات بمعانيه مثلها حتّى قرأت هذا النص فبورك يراعك وبوركت ولو سمحت أن تعتبرني صديقة قلم فأنا هاوية أدب لي بعض المساهمات المتواضعة في عود الند حين تقبل صداقتي وأخوّتي سأكتب لك عناوينها. من أنا؟؟ بالاسم أمل النعيمي من الأردن وبالفعل المسمى حياة(أنا انسان مفقود لاأعرف في الأرض مكاني ضيّعني دربي ضيّعني اسمي ضيّعني آه عنواني تاريخي مالي تاريخ انّي نسيان النسيان انّي مرساة لاترسو جرح بملامح انسان!!!) مقتبسة عن أغنية لخالد الشيخ والكلمات على ماأظن لنزار قبّاني كتبها من غير أن يدري لي ورّما لك ومن يدري لكم غيرنا؟؟؟
1. فصبرا قبيحا, 26 شباط (فبراير) 2012, 19:42, ::::: محسن الغالبي- السويد
لا ادري ان كنت استحق كل هذا الاطراء ولكن لا اكذب ان قلت ان وراء كل كلمة كتبتها يكمن جرح لا ادري متى يلتئم... اتشرف بصداقتك واخوتك يا امل... محسن
لا ادري ان كانت سياسة عود الند تسمح بتبادل البريد الالكتروني او الفيس بوك او ما شابه.. تحياتي
إضافة من الإدارة: الإشعار بوجود تعليق على نص يحتوي على العنوان الإلكتروني لكاتب/ة التعليق. ويمكن أيضا إرسال رسالة خاصة لكاتب/ة النص بالضعط على الأسم المميز بالأحمر. ولذا من الممكن التواصل مباشرة بين الطرفين دون المرور عبر "عود الند".
فصبرا قبيحا, هدى الدهان - العراق | 27 شباط (فبراير) 2012 - 00:51 2
احيانا يخالجني احساس شبه مؤكد ان من ينادي بالصبر هو الارنب حتى ابقى انا سلحفاة و يستحيل هو الى اسد المكان و اتجمد انا تحت قوقعتي .
1. فصبرا قبيحا, 27 شباط (فبراير) 2012, 04:50, ::::: محسن الغالبي- السويد
اشكرك هدى ان جررت الحديث الى ها هنا فان الخواطر وان بدت لقارئها شخصية ولكني كتبتها وتمنيت ان يعبر بها الى ما هو ابعد.....لطالما كانت الدعوة الى الصبر كذلك حتى عدنا عالما من السلاحف التي تخبأ رؤوسها في قواقعها واسدنا الاوحد ليس الا ارنب نحن من عالمنا الادنى نراه اسدا ويراه الاخرون من عالمهم الاعلى وليس العلوي فريسة ينقضون عليها متى اشتهوا.
اشكرك هدى مرة اخرى ولااريد للحديث مجرى يخالف الجو العام لفضاءنا الحبيب هذا (عود الند)... محسن
2. فصبرا قبيحا, 2 آذار (مارس) 2012, 14:45, ::::: أمل النعيمي- الأردن
الأخت هدى الدهان : حين لايكون الصبر قرارا واختيارا بل واقع مفروض لامناص منه هل لي بوصفة سحرية للتحرر من اسره كي لاتستأسد الأرانب؟
فصبرا قبيحا, مهند النابلسي | 10 تموز (يوليو) 2012 - 05:13 3
هناك حدود لا يعود الصبر بعدها فضيلة !
فصبرا قبيحا, محمد الموسوي ـ العراق ـ بغداد | 5 آب (أغسطس) 2012 - 14:11 4
صبر جميل والله المستعان, لم تفقد شيئاً ما دمت تحمل عقلا, فاجعله زورقك, وشراعه الأمل, وابحر لتعود إلى بحر الحياة ثانية من إحدى روافده الكثيرة, واترك هذا التشائم جانبا ففي الحياة فسحة لـ ........ حتما