عـــادل جــــودة - السعودية
أبناؤنا أكبادنا
أخ كريم ومرب فاضل أراد أن يقدم لابنه سيارة بمناسبة دخوله الجامعة لتكون هدية تفوقه من جانب، ومن جانب آخر ليعتمد على نفسه في ذهابه إلى الجامعة وعودته منها، فتحدث إليّ بلسان يعي جيدا حجم المسؤولية تجاه هذه الخطوة الحساسة، مبديا رغبته في كلمة توجيهية يتدارسها مع ابنه قبل استلام سيارته. فقبل مني هذه الكلمة المتواضعة:
تركض الأيّام وتقفز السّنون
وتكبر الأحلام وترقص العيون
نعم بنيّ الحبيب
من يصدّق؟
بالأمس فقط كنّا نحلم بهذا اليوم
نترقّبه مع كلّ لحظة من عمرك ونترقّبك
نتابع خطوتك ونناغي مشيتك
ونباهي الأحبّة بضحكتك
نلاعبك ونداعبك
ونبحث عن أيّ شيء يسلّيك ويسعدك
في الأسواق، كنت تقود تحرّكنا
إن وقفت نقف
وإن سرت نتحسّس وجهتك لنتبعك
وسريعا مرّ بنا الوقت معك
وها أنت كبرت
أصبحت شابّا يافعا
تبتهج بروحك قلوبنا
وتسعد بأنفاسك أيّامنا
وتكبر معك أحلامنا
ها نحن ننظر إليك بعين الحبّ والأمل
ونشير إليك ساعد بناء وعمل
وها أنذا بنيّ، بقلبي وفكري ويدي، أضع بين يديك وسيلة صدق من قال فيها: إنّها سلاح ذو حدّين. إن أحسنت استخدامها فهي سلاح ينفعك ويخدمك ويرفعك. وإن أسأت استخدامها (لا سمح الله) فستكون الألدّ في خصومتك. إنّها السّيّارة يا بنيّ. فإن كان لابدّ لي من وصيّة أدرك أنّك لا تجهلها، وإنّما فقط أذكّرك.
وقبل الوصيّة أيضا أذكّرك
أنّ قلوبنا في كلّ وقت معك.
في نومك وفي صحوك
في صمتك وفي همسك
في بعدك وفي قربك
إن خرجت ننتظر عودتك
وإن عدت يشرق الفؤاد بطلّتك
وها نحن يملؤنا الأمل أنّك تستشعر بكلّ جوارحك أنّ للسّيّارة ولكلّ قطعة فيها، وللطّريق ولكلّ ما يتّصل بها، حقّا عليك. ألا فأعط كلّ ذي حقّ حقّه.
وانتبه بنيّ! ستلاحظ وأنت تقود سيّارتك أنّ فئة من النّاس (هداها الله) قد تتخطّى حقّا لك، وربّما تعتدي عليه وعن عمد تتجاوزه وتتجاهلك، فهذا الحقّ يا بنيّ هو الوحيد الّذي نرجوك ألّا تتردّد في التّنازل عنه.
تفضّل بنيّ: هذه سيّارتك وهذه مفاتيحها، هيّ هديّتنا إليك بمناسبة التحاقك بالجامعة لـمواصلة دراستك. خذها بنيّ، والجوارح كلّها تبتهل إلى الله أن يقرّب خيرها إليك وأن يبعد شرّها عنك. سرّ على بركة الله. بسم الله مجراها ومرساها. وعين الله تحرسك.
والدتك ووالدك
◄ عادل جوده
▼ موضوعاتي