أسماء جاموس - الأردن
عرض لكتاب الأسطورة في روايات نجيب محفوظ
لسناء شعلان
يعنى هذا الكتاب لسناء شعلان بدراسة توظيف الأسطورة في بعض روايات نجيب محفوظ، وينطلق من أهميّة رصد الأسطورة، وتحليلها، وتفكيك رموزها وصولا إلى الإحالات والتأويلات التي تنفتح عليها.
وسعى الكتاب أيضا إلى الوقوف على بواعث هذه الظاهرة وتجلياتها وسماتها الفنية في روايات نجيب محفوظ، لتقديم قراءة لخطابه الروائي. وموضوع الكتاب هو ما يتجلّى في نصوصه من توظيف الأسطورة كلّيا أو جزئيّا، ظاهرا أو مضمرا، أو استدعاء الرموز الأسطورية، أو الحدث الأسطوري أو المكان الأسطوري أو الرمز الأسطوري، أو اللغة الأسطورية، أو الشخصية الأسطورية، أو الزمن الأسطوري، أو الكائنات والموجودات الأسطورية، أو بناء عوالم تخيلية تتصل بعلاقة أو نسب أو تشابهه مع العوالم الأسطورية، توظيفا قد يشمل العناصر المذكورة مجتمعة، أو غير مجتمعة.
وتقول شعلان في مقدمة كتابها: "هناك الكثير من الدراسات عن نجيب محفوظ وعن أدبه، يضيق بذكرها المقام، ولكن الملمح الجامع والمسوّغ لهذه الدراسة عبر استعراض كلّ تلك الدراسات عدم تصدّيها لدراسة الأسطورة في عطاء محفوظ الروائي، والتفاتها إلى قضايا ونواحي أخرى للدراسة، إلاّ ما جاء في معرض الحديث، وهو ليس هدفا للدراسة، وهو لا يعوّل عليه في رسم صورة نقدية ضمن منهجية واضحة تبغي فهم الأبعاد الإبداعية الجمالية والترميزية لتوظيف كهذا."
والمؤلّفة تدرج في مصادر الدراسة الروايات التاريخية الأولى لنجيب محفوظ رادوبيس (1943)، وكفاح طيبة (1944)، وعبث الأقدار (1999)، على اعتبار أنّها قد استحضرت الأسطورة فيما استحضرتْ من مفردات فكرية وثقافية واجتماعية ضمن خطة لإعادة كتابة التاريخ الفرعوني لمصر بطريقة روائية، وهي خطة كان نجيب محفوظ قد اختطها لنفسه في بداية مشروعه الإبداعي، ثم تراجع عنها، لصالح الرواية الاجتماعية، ومن ثم لصالح الرواية الفلسفية.
واستوى الكتاب تبعا لذلك في تمهيد وثمانية فصول. أمّا التمهيد ففيه تحديد لمنطلقات الدراسة، وإضاءة حول منهجها ومفاهيمها. ويبدأ الكتاب بتعريف موسّع للأسطورة التي هي من أهم مصادر التفكير الإنساني، ومن ثم رصد العلاقة بين الأسطورة والدين والطقوس السحرية، والعلاقة بين الأسطورة والتاريخ والواقع، انتهاء بالعلاقة بين الأسطورة والرمز، والعلاقة بين الأسطورة والأدب، ومن ثم محاولة رصد تلك النصوص الإبداعية المجاورة والمتداخلة بالأسطورة، في نسقين أحدهما: الأدب، والآخر هو المنجز الإبداعي الشفاهي الجمعي.
ثم توقّفت المؤلفة عند المنهج الأسطوري الذي أُعتمد في البحث، فعرّفت به، وبمنطلقاته وأسسه، وعيوبه وحسناته في التنظير، أو في التطبيق. وحاول الكتاب الكشف عن بواعث الأسطورة في روايات نجيب محفوظ، وهي ثلاثة بواعث، وهي: الباعث الفني المتمثّل في البحث عن شكل ذي قدرة على الترميز، والباعث الثقافي ممثلا في تأثّر نجيب محفوظ بالفلسفة، وتأثره بجماليات المكان، وتأثّره بالترجمة، وتأثره بالتراث العربي والعالمي الزاخر بالحكايات والأساطير. وأخيرا الباعث السياسي، المتمثّل في: الظروف السياسية، والاضطهاد السياسي.
أمّا فصول الكتاب فكانت ثمانية محاور رئيسيّة، تفرّعت عنها عناوين داخلية، وتقسيمات عضويّة، فقد كان الفصل الأوّل بعنوان "المكان الأسطوري"، والفصل الثاني بعنوان "الزمن الأسطوري"، والفصل الثالث بعنوان "الحدث الأسطوريّ"، وتفرّعت عنه العناوين التالية: الصراع مع القدر، والصراع مع الآلهة، والصراع مع الكائنات الأسطورية، والطوفان، وغضب الآلهة، والبحث عن الخلود، وقتل الشقيق لشقيقه، وقتل الأم وكره الأب، والانتقام المقدّس، والمسخ، والتحوّل ،ومحاكمة الموتى ،والرحلة في عوالم أسطوريّة.
أمّا الفصل الرابع فكان بعنوان "الشخصية الأسطوري"، والفصل الخامس بعنوان "الكائنات الأسطوريّة"، والفصل السادس بعنوان "الموجودات الأسطوريّة"، وتفرّعت عنه العناوين التالية: العصا المقدّسة، والصولجان، والنّار المقدّسة، والصورة، والحذاء، وكرسي الولادة، وكرسي الولادة، والكواكب، وطاقية الإخفاء، وخاتم سليمان، والكتاب، والسّحر، والتعاويذ، والقمقم.
في حين أنّ الفصل السابع جاء بعنوان "الرمز الأسطوري"، وتفرّعت عنه العناوين الفرعية التالية: المخلّّص، والخضر، والمتمرّد، والعدد، والحلم، والأنوثة المقدّسة، والجنس، والدعاء، والقربان والموسيقى والغناء والرّقص، والمواكب، واللون. أمّا الفصل الثامن فجاء بعنوان "اللغة الأسطورية".
وقد توزّعت مادة الدراسة على هذه الفصول، التي فرّعت المادة المدروسة على أبرز عناصر مشكّلات العمل الروائي. وشكّل كلّ منها ملمحا من ملامح النزوع إلى توظيف الأسطورة في روايات نجيب محفوظ. وقد حرصتْ المؤلّفة على أن تتبّع روايات نجيب محفوظ مخضعة إيّاها للترتيب الزمني، وفْق تاريخ تأليفها، فكانت الرواية المؤلّفة أوّلا، هي في بداية الدراسة، ومن ثم تتوالى دراسة الروايات وفْق ترتيبها الزمني. وهو ترتيب لا يفرض، بالطبع، على الباحثة أن تدرس كلّ الروايات؛ إذ إنّ بعضها لا يمثّل أبدا أيّ نزوع نحو الأسطورة، ولكنّه يفرض عليها أن تتوقّف عندها بالبحث والمعاينة، قبل استثنائها من الدراسة؛ لاتخاذها وجهة غير وجهة توظيف الأسطورة.
واستوفى الكتاب بنيته بثلاثة ملاحق، أولها بيبولوغرافيا بروايات نجيب محفوظ حتى زمن الانتهاء من الدراسة، وثانيها وقفة تعريفيّة عند نجيب محفوظ، وثالثها معجم بأسماء الآلهة والشخصيات الأسطوريّة والكائنات الخرافية والأماكن الأسطوريّة الواردة فيها.
- غلاف: سناء سعلان