عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 
أنت في : الغلاف » أرشيف أعداد عـود الـنـد » الأعداد الشهرية: 01-120 » السنة 3: 25-36 » العدد 31: 2008/12 » غمضة عين + كتالوغ بالعربية للحياة

عصام عقرباوي - رومانيا

غمضة عين + كتالوغ بالعربية للحياة


عصام عقرباويغمضة عين

مللت من البحث عن سعادتي المشروعة، ومن غربة النفس والمشاعر، وتعبت من الدائرة المفرغة التي أدور بداخلها، وضقت ذرعا من السراب الذي احسب عنده الرواء، ومن اعتقادي بان كل ما يلمع ذهبا. لذا سأكف عن تأنيب نفسي واقتنع بنصيبي، لا بد من التغيير ولا بد أن تنبع سعادتي من داخلي حتى تخف معاناتي. وقد يكون ذلك خيرا لي، فالخير لا يعلم به إلا الله، فلم التفكير وقد يأتي وقت على الإنسان يظن فيه أن كل شيء انتهى، ولكنه يكتشف أنها البداية. فبين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال.

::

كتالوغ بالعربية للحياة

لا أعرف من الذي قال "إن الحياة حلوة." حاول أن تنسى كونك عربيا لتجد أن هذا القول صحيح مئة في المئة. غير أن المشكلة في الحياة أنها تأتي مرة واحدة، فرصة واحدة يمنحها الإنسان، وتذهب من بين يديه بلا رجعة، فإذا أخطا وخبص، راحت عليه، وعاش حياته جحيما، بينما إذا ما تقدم المرء لامتحان في المدرسة أو لرخصة سواقة وفشل أول مره فإنه يمنح فرصه ثانيه وثالثه وعاشره إلى أن ينجح.

أما الحياة فمره واحده، لا "بروفة" ولا ما يحزنون. إن نجحت نجحت، وإن فشلت انتهى أمرك وذهبت ريحك، ولا ينفعك الندم عندئذ. وإذا كنت لا أتذكر من قال إن الحياة حلوه فإنني حتما لن أتذكر الذي قالها إنها "فزورة،" أو أحجية، وهي فعلا كذلك، فأنت تأتي إلى الحياة وتنخرط فيها من يومك الأول غصبا عنك، لذلك تبكي وتصرخ منذ أن تضعك أمك ويلفحك هواء الحياة، تصرخ بكل ما لديك من قوه وصوت، في الوقت الذي لا تملك فيه شيئا سوى ذلك الصوت، فلا قميص ولا بنطلون ولا شيء يستر عورتك، ولا حول ولا قوة. بالرغم من ذلك، تفقع ذلك الصوت احتجاجا. وهذه آخر مره يسمح لك فيها بالاحتجاج على الحياة، لان أي احتجاج بعد ذلك ستضربك عليه أمك. وإذا لم يطاوعها قلبها بضربك، ضربك أبوك، وبعد ذلك يتولى مهمة ضربك الأساتذة والأطفال الأكبر سنا.

وكل هذا كوم وضرب الحكومة كوم فيما بعد كوم. على أي بادرة احتجاج تبدر عن حضرتك. يعني تقضي حياتك كلها ضربا وعقابا وبهدله وأنت لا ناقة لك ولا جمل في الموضوع كله. بالنسبة لي انتهى الموضوع، وانتهت الحياة، فهي في هزيعها الأخير، لكنني أتمنى أن يكون هناك "كتالوغ" للحياة بالعربية، نضعه من اجل أجيالنا المقبلة، حتى لا تموت قهرا من حياتنا وحالنا وسياستنا.

D 1 كانون الأول (ديسمبر) 2008     A عصام عقرباوي     C 0 تعليقات