عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

عدلي الهواري

كلمة العدد 28: عن حب الحياة


عدلي الهواريمن ضمن العبارات المستوردة إلى الثقافة المعولمة في العالم العربي "حب الحياة." لكي نبرهن أننا حضاريون كالغرب نقول ونكرر ونؤكد أننا نحب الحياة. وصار حب الحياة ميزة لفئة من الناس، وعدم حب الحياة تهمة تستخدم ضد أخرى: المسلمون لا يحبون الحياة. الفلسطينيون لا يحبون الحياة. الشيعة لا يحبون الحياة. هذه الفئة أو تلك لا تحب الحياة، أما الفئة التي توجه التهمة لغيرها فهي تحب الحياة، وبالتالي هي متحضرة أكثر، ومتفوقة فكريا على تلك المتهمة بعدم حب الحياة.

غريزيا كل إنسان يحب الحياة، وقليلون هم الذين يضيقون ذرعا بالحياة وينتحرون. أما حب الحياة هكذا وبدون شروط فهو أمر لا يقبله أحد، حتى الغربيون الذين نريد أن نكون حضاريين مثلهم.

حب الحياة مشروط دائما، وأول شروط حب الحياة أن يكون الإنسان حرا، وإلا فلا تناقض بين حب الحياة والعبودية.

لمن يحب أمثلة من الأفلام الأجنبية، وعلى لسان شخصيات يقوم بدورها نجوم، أشير إلى فيلم ربما شاهده بعض قراء هذه الكلمة، عنوانه "بريف هارت" (القلب الشجاع)، الذي يؤدي دور البطولة فيه مل غبسون. الفيلم ينتهي بصيحة "فريدوم" (الحرية) رغم أن مطلقها كان على طاولة التعذيب والموت.

تقول أمثالنا وأغانينا الشعبية: "الموت ولا المذلة." وهذه عبارة لا ينطقها متخلف، بل إنسان يدرك أهمية الحرية في الحياة. وعندما يقول الإنسان ذلك فلا يعني أنه لا يحب الحياة، بل يحب الحياة حرا. وهذا هو الأصل. والتاريخ علمنا أن البشر يتمردون على العبودية التي لا تخفى على أحد حتى وإن لم تتخذ شكل الرق.

ولذا قبل أن يحدثنا أحد عن حب الحياة، نريد أن نرى ما فعل من أجل الحرية. نريد أن يعامل كل الناس على أساس المساواة. نريد أن نرى الإنسان الفلسطيني والعربي والإفريقي وخلافه حرا لا عبدا، ويتمتع بالحرية كأي إنسان في أي مكان في العالم ينعم بالحرية.

مع أطيب التحيات

عدلي الهواري

D 1 أيلول (سبتمبر) 2008     A عدلي الهواري     C 0 تعليقات