ياسمينة صالح - الجزائر
أمـام الـنــهايـــة
هل تعلم أن أجمل العشاق لم يحبوا غير ذواتهم في شخص حبيبة كانوا يعتقدون أنها قريبة من سراب الكون إلى الحقيقة؟ لم يكن الحب ندا لندخل جبهاته واثقين من الانتصار. لهذا لم يكن غريبا أن نخسر الحب والحرب معا. وبينهما خسرنا بعضنا.
* * *
لا تعتقد أنني كنت عاشقة سيئة. لم أكن سوى ما علمتني الحياة المتجذرة في تراب الجهات. كنت أعي أنني أرتكب شيئا عظيما في حبك، وأن النهاية لن تكون أجمل من هذا الحريق الذي يشعل مدننا المتوجة بالخسائر التاريخية. لم أكن سيئة حتى وأنا أتنازل عن حقي في الدفاع عنك كما كان على امرأة أن تدافع عن حبيب اعتقدت ـ عبثا ـ أنه أحادي التكوين، فارق الوجود. خارق، واستثنائي. استسلمت لأن الجيوش استسلموا قبلي، ولأن المعارك الخاسرة لا تستدعي الدخول في ماهية التفاصيل لإنقاذ شعرة لم تكن لمعاوية تماما، بل كانت لي ولك. ولما قيل بيننا أو حولنا أو فينا، فتقطعت.
* * *
لنتفق إذا.
كل شيء آيل إلى اتفاق جاهز بين حدين غير قابلين للتعايش، وغير قادرين على التباعد. لنتفق على الموت جماعيا أو على العيش قبالة مصيرنا المتماثل للمرض. لأجل أن يولد جيل من بعدنا خال من الضغينة، ومن وقار الكسل الذي سايرنا اعتباطا لنتفق على الخسائر متقاسمين فجائعها بالتساوي. خاسر وخاسر معه. ولنسكت بعدئذ لتخرج الشمس إلى الشوارع والأزقة والحارات. لا شيء بعدك وبعدي. سوى ما يعتقده الناس حياة تستدعي الحياة.
* * *
هل سينفع أن أقول أو تقول: أحبك بعد اليوم؟ هل تنفع رسائل الجوال التي كانت توقظني ليلا لتقول لي كلاما ساذجا بدا لي قبل ألف عام كبيرا وحارا؟ هـا قد تحوّل الحب إلى عادة مملة، تسكن الحواس لتخدرها في زمن التكنولوجيا المتطورة التي تجابه الوحدة بأعياد الميلاد، والبالونات الملونة والهدايا المرسلة مع ساع أتعبه الركض فوق خطوط التماس. ما بينك وبيني، وما بيننا وكل الناس، سيهدأ كل شيء الآن، لأن الخيار صار للأقوى منك ومني، ولأن الخارطة لا تتسع لنا. لا تتسع لنا. لا تتسع لنا.
◄ ياسمينة صالح
▼ موضوعاتي