عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

ريا أحمد - اليمن

حكاية الفيل الذي صار نملة


ثمة غابة تطل على بحيرة جميلة لا تغادرها البط أبدا، وثمة حيوانات كثيرة تحب بعضها البعض ولكنهم لا يتحدون على كلمة ولا يتفقون على موقف. كان الهدوء سمة أساسية من سمات الغابة، ولكن بين فينة وأخرى كان فيل ضخم جدا يأتي للغابة ويعبث بأشجارها وكائناتها الصغيرة. كان كلما شعر بالغضب أتى بخطوات غاضبة تهز أرجاء الغابة ويبدأ بالصياح وضرب هذه الغزالة وذاك الفهد وتلك الزرافة و، و، و...

ذات يوم اجتمعت حيوانات الغابة لتتباحث في وضع حل لهذه المشكلة. جميع الحيوانات يعلمون جيدا بأن ضعفهم وخذلانهم هما ما يشعران الفيل بالقوة ويجعلانه يتصرف بكل هذا البطش. في ذلك الاجتماع بدأ ملك الغابة الحديث:

"نحن هنا يا أصدقاء لنرى ما يجب فعله لردع ذلك الفيل الشرير عن بطشه وعبثه بالغابة وأمنها وحيواناتها. كل من لديه حل يقوله وسوف نتباحث فيه."

قالت الزرافة: "أرى أن نقاطع الفيل فلا نتحدث معه ولا نساعده إن احتاج لمساعدتنا."

"ولكن نحن فعلا لا نتحدث معه، ولم يحدث أن احتاج لمساعدتنا." هكذا قال الحمار الوحشي.

قالت النعامة: "ليس من حل سوى تجاهل تصرفاته تماما."

رد عليها النمر قائلا: "ولكن هذه السلبية هي ما تجعل الفيل يتمادى في أفعاله الشريرة."

ظل الجميع يفكر ويفصح عن حلول دونما إيجاد حل سليم يرضي الجميع، إلى أن قالت السلحفاة: "أنا عندي الحل."

نظر إليها الجميع بسخرية. وقال ملك الغابة: "قولي ما لديك."

قالت السلحفاة: "الحل الوحيد هو إن نجعل الفيل نملة."

قهقه الجميع بالضحكات العالية وصار البعض يسخر منها بشدة، ولكن السلحفاة لم ترد على تلك السخريات بل انتظرت حتى هدأ الجميع وقالت:

"اسمعوني قبل أن تسخروا من حديثي."

طلب ملك الغابة من الجميع الهدوء التام ليستمعوا إلى الحل الغريب الذي تراه السلحفاة العجوز.

بعد أن انتهت السلحفاة من سرد رأيها وشرح خطتها التي اقتنع بها الجميع، وزعت المهام على الجميع ليبدؤوا في اليوم التالي في التنفيذ.

في الصباح الباكر ذهب الثعلب إلى الفيل: "يا أيها الفيل. يا أيها الفيل."

الفيل: "ماذا تريد؟"

الثعلب: "لدي أخبار تهمك جدا؟"

الفيل: "أي أخبار؟"

الثعلب: "الليلة الماضية اجتمعت حيوانات الغابة وأجمعت على حرق بيتك وأنت نائم."

صرخ الفيل بغضب شديد: "من يجرؤ على حرق منزلي."

الثعلب: "لا تقلق. لقد أتيتك بعشبة خاصة سوف تبعد النوم عنك، ولن يستطيع أحد عمل شيء وأنت مستيقظ."

أخذ الفيل العشبة وأكلها، وما أن انتهى منها حتى انفجر الثعلب ضاحكا وهو مستلق على ظهره قائلا: "ها ها ها ها ها. يا إلهي! الفيل الضخم صار نملة صغيرة جدا."

في هذه الأثناء جاءت الببغاء ضاحكة: "يا إلهي! الفيل الضخم صار نملة." وطارت في الجو ذاهبة باتجاه الغابة وهي تردد: "الفيل الضخم صار نملة."

جميع من في الغابة من حيوانات أسرعوا نحو بيت الفيل وصار الجميع يضحك مرددين: "الفيل الضخم صار نملة."

البعض يصرخ: "هيا اقتلوه أو اضربوه، هيا انتقموا لنا جميعا."

بيد أن الفيل هرب مصدقا ما أوهمه الثعلب والآخرون به: بأنه صار نملة وبأن العشبة التي أكلها —والتي هي عشبة عادية لا تضر— قد قزمته فعلا وصيرته إلى نملة.

من هنا اكتشفت حيوانات الغابة أن عدم التساهل والتكاتف يصنعان قوة أعظم من قوة الفيل الجبار.

D 1 كانون الثاني (يناير) 2008     A ريّا أحمد     C 0 تعليقات

ريّا أحمد

موضوعاتي