ضياء البرغوثي - فلسطين
لوحة لم تكتمل
وحيدا كنت وأنا أرقب تفاصيل حلمك الجميل، وأنا أنظر إليك وأنت ترسمين قصة عشق ستطول. لم أكن أعرف وقتها أنك كنت تنقشين هذه القصة على صفحات قلبي. لم أكن أعرف أني سأتورط فيك أيتها الساحرة الفاتنة. عندما التقيت بك تأرجحت عيناي ما بين إغضاء أو نظر. في تلك اللحظة كان القدر ينسج من حولنا قصة ستتشابك خيوطها فيما بعد.
تصافحت عينانا في تلك اللحظة الرهيبة، تلك اللحظة التي توقفت عندها عقارب الساعة عن ممارسة عملها في الدوران. لم يكن لحظتها الزمن وحده من توقف، فالدم في عروقي توقف عن المسير. وقفت كريات الدم باهتة أمام هذا المنظر الساحر. كذلك قلبي الذي انغرس في صدري، لأول مرة أشعر أنه خذلني، حيث أعلن بمرسوم ملكي لكل أعضاء مملكته التوقف التام عن العمل حتى يتوقف هذا السحر الذي ألقى بجماله وكل ملامحه على جسدي وروحي.
وحيدا كنت وما زلت وأنا أراك تمرين بجواري ولا تتكلمين. أرى الكلمات وهي تتقاطر من صمتك المقفر، لأنك أضربت عن الكلام في حضرة قلبي. لا أعرف لماذا وما الذي اقترفته يداي حتى أنوء بهذا العقاب القاسي. لا أعرف لأن الجواب عندك يا معذبتي، فأنت المدعي وأنت هيئة المحكمة وأنت الشهود وأنت الحكم الصادر بحقي.
وحيدا كنت وما زلت وأنا أراك تراقصين قلبا غير قلبي، وتعانقين روحا غير روحي. لا أعرف كيف قبلت أن تسلمي مفاتيح حصونك وقلاعك لرجل لم يتعذب في عشقك لحظة واحدة، وتتركين رجلا تتساقط عليه عذابات عشقك كما تتساقط خيوط الشمس على صفحة الكون. لا أعرف.
وحيدا كنت، وما زلت، وسأبقى، وأنا أراك تغادرين إلى كون آخر غير كوني، وتعيشين في جسد غير جسدي، وتفترشين روحا غير روحي. لا أعرف، وسأبقى لا أعرف أن تلك اللحظة وتلك النظرة ستكون بداية حياتي وستكون بداية موتي.