رشاد أبو شاور - الأردن
إسماعيل شموط: الفنان المؤسس، المجدد
وداعا إاسماعيل شموط
ما أن يذكر اسم الفنّان الكبير إسماعيل شمّوط حتّى يبدأ الحديث عن نهضة الفّن التشكيلي الفلسطيني، وانتشاره، واتساع حضوره. قبل إسماعيل شمّوط كانت بدايات فنيّة، ولكنها لم تكن أكثر من هواية، وما كان لهذه البدايات وجهة، أو هدف كبير. مع إسماعيل شمّوط، وبعد نكبة 48، وفّن إسماعيل شمط يرتبط بالنكبة، بدأت مرحلة التأسيس، والدراسة الأكاديميّة، والاحتراف، وبلورة الهويّة، والانتماء، والدور.
يشبه، عندي، دور إسماعيل شمّوط في الفن التشكيلي الفلسطيني، دور الروائي الكبير نجيب محفوظ، فقبل محفوظ كانت بدايات روائيّة، ومعه، وبه، نهضت أسس فّن روائي متطوّر، فكان نجيب محفوظ رائداً، ومطوّراً، ومجدّداً، وهذا أمر نادر.
تميّز إسماعيل شمّوط، ليس بفنّه الواقعي، ولكن بتطويره لفنّه الواقعي هذا، بإغنائه تكويناً، ولوناً، وانتقاله باللوحة من البسيط إلى الشاسع العميق الملحمي، من لوحة "أين أبي؟" إلى أعماله الملحميّة في سنواته الأخيرة، التي حملت عنواناً يتداخل فيه الخّاص بالعّام: "السيرة والمسيرة."
إسماعيل شمّوط ترافق في رحلته مع زميلته الفنّانة الكبيرة تمام الأكحل، التي باتت رفيقته وزوجته، وصنوه فناً، وحياة كلّها عطاء.
أوّل معرض لإسماعيل شمّوط شاهدته كان على صفحات مجلّة "الأسبوع العربي" اللبنانيّة، ربّما عام 1964 أو 1965. كان قد دعي لعرض أعماله في نيويورك، ولكنّ الصهاينة ضيّقوا الخناق عليه وحرموه من عرض أعماله في صاله من صالات الفّن، فتفتّق ذهنه وبعض الفلسطينيين والعرب هناك عن اقتراح بعرض اللوحات على سطح بعض سيّارات التاكسي، والدوران بها في الشوارع، والتوقّف في بعض الساحات العّامة. هذه الواقعة تكشف أن فّن إسماعيل شمط بدأ مقاوماً منذ بدايته، وبدأ محارباً لتغييب الإنسان الفلسطيني وقضيّته.
ليس صدفةً أبدا أن العدو الصهيوني قصف بناية كان قد افتتح فيها الفنّان الكبير إسماعيل شمّوط قاعة عرض حملت اسم قاعة الكرامة. كان الفنّان الكبير قد عاد حديثاً من ألمانيا، بعد أن أجريت له عمليّة قلب، ومع ذلك فقد رأيته وهو يغامر بحياته لينقذ بعض اللوحات التي عرضت في المعرض الأوّل في تلك القاعة لعدد من كبار فنّاني فلسطين. في كتابي "آه يا بيروت" كتبت فصلاً قصيراً عن تلك الواقعة التي شاهدتها دون أن ينتبه الفنّان الكبير، وحمل الفصل العنوان: "أزهار الفاكهاني." كان إسماعيل شمّوط يرسم أزهاراً، وبحرا، وطيوراً، ووجوهاً، وعشّاقاً.
إسماعيل شمّوط فنّان كبير مؤسس، مطوّر، مجدّد. رحل بعد أن أغنى حياتنا، ونشر فلسطين بكّل ألوانها في العالم. لذكراه الخلود.
– - - - -
المزيد من المعلومات والرسوم في الموقع الرسمي لاسماعيل شموط: