إصدارات جديدة - عدلي الهواري
الديمقراطية والإسلام في الأردن
من الآراء المتداولة فيما جرى في الدول العربية ابتداء من تونس أن الدول الغربية قررت أن تغير نظم الحكم وتفتيت المنطقة باستخدام جماعات الإسلام السياسي، كجماعة الإخوان المسلمين بمسمياتها المختلفة في الدول العربية.
يتجاهل هذا الرأي ما قالته وفعلته الدول الغربية لمنع وصول الجماعات الإسلامية إلى الحكم عن طريق المشاركة في الانتخابات. وقد ناقشت في الفصول السابقة ما كتبه باحثون عن المخاوف من وصول الإسلاميين إلى الحكم عن طريق الانتخابات.
وهذا الرأي أيضا ينظر إلى كل الجماعات التي تُطلق عليها صفة «إسلامية» باعتبارها كتلة واحدة متجانسة لا فرق فيها بين جماعة مثل الإخوان المسلمين في الأردن أو فلسطين أو مصر أو تونس وبين جماعات العنف المسلح كالقاعدة وداعش.
الجماعات الإسلامية ليست كتلة متجانسة، مثلما لم تكن الأحزاب الشيوعية في عصر الحرب الباردة متجانسة أيضا. حتى حزب البعث ذو المنشأ الواحد تحوّل في الواقع إلى حزبين غير متجانسين، أحدهما في سورية والآخر في العراق.
بعض أنصار هذا الرأي يعتبرون أن أصحاب الآراء الأخرى يتبنون عن وعي أو دونه منطلقات المركزية الأوروبية، وهذه تهمة سهلة وتوحي بأن مطلقيها يمتلكون قدرا أكبر من الوعي الفكري، فهم ليسوا قادرين على تحليل الأوضاع في الدول العربية بشكل صحيح وحسب، بل هم أيضا على مستوى متقدم من الفكر يرفض منطلقات المركزية الأوروبية.
ولكني أرى افراطا في الانتقاص من آراء الآخرين بالقول إنها نابعة من مركزية أوروبية. وأرى أن هذا الأسلوب في نهاية المطاف يبرر استمرار أوضاع سلبية في الدول العربية. ويرتبط التبرير أحيانا بالهروب إلى الأمام أكثر عن طريق ربط استمرار الأوضاع في الدول العربية كما هي عليه بوجود صراع مع الدول الغربية الرأسمالية، وما يسمى «الناهب الدولي».
هنا أيضا تلاحظ أعراض استخدام أدوات تحليل للواقع تفتقر إلى الدقة، فالدول الغربية الرأسمالية تلتقي في بعض المصالح، وتتنافس على أخرى، ولذا لا يوجد ناهب دولي واحد، بل أكثر من ناهب. وضمن التنافس والتعاون، يكون لفرنسا مثلا دور أكبر في التعامل مع شؤون الدول العربية التي كانت تستعمرها.
ولكن كي أناقش هذه النقطة دون التركيز على عدم دقة المصطلح، سوف أفترض أن الناهب الدولي كتلة واحدة من الدول الرأسمالية تقودها الولايات المتحدة بحكم كونها قائدة العالم الرأسمالي.
يرى أصحاب هذا الرأي أن نجم الولايات المتحدة كقوة كبرى وحيدة في أفول، وأن بعض ما تقوم به، كما في سورية مثلا، علامة من علامات هذا الأفول. وهم يرون أيضا أن محاولات تغيير الأوضاع في الدول العربية مصيرها الفشل لأنها لا تفهم أن الناهب الدولي هو المسؤول عن هذه الأوضاع، ويجب أن توجه الجهود نحو مقاومة الناهب الدولي. وهكذا، حتى الاحتجاج على تقصير الحكومة في جمع القمامة يصبح لا مبرر له، لأن الجهود يجب أن توجه دائما لمقاومة الناهب الدولي للتعجيل في انهياره.
وثمة تبسيط شديد في هذا الرأي إضافة إلى إغراقه في التفاؤل بحيث يبدو أن انهيار الهيمنة الأميركية أصبح قريبا، في حين أن أفول نجم الإمبراطوريات واحتضارها عملية تاريخية بطيئة.
والتبسيط والتفاؤل يظهران أيضا في افتراض أن هذا الانهيار سيؤدي إلى حل المشكلات المحلية تلقائيا، في حين أن تجارب استقلال الدول أظهرت أن خروج الاستعمار لم يؤد تلقائيا إلى ازدهار الأوضاع في البلاد، بل يحتاج الأمر إلى مقدرة على إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
إضافة إلى ذلك، لم تعد روسيا أو الصين قلعة اشتراكية، والنموذج الاقتصادي الاشتراكي الذي ساد في عصر الاتحاد السوفييتي قبل غورباتشوف أو في الصين في عصر ماو تسي تونغ غير معمول به في روسيا أو الصين، فمنذ انهيار الاتحاد السوفييتي تغير النظام الاقتصادي في روسيا، والصين نظامها الاقتصادي اشتراكي بالاسم.
= = =
يمكن شراء نسخة من الكتاب من خلال مواقع أمازون في الإنترنت، أو بالتواصل مع مجلة "عود الند" الثقافية. ثمن النسخة 15 جنيها أسترلينيا أو ما يعادلها من العملات.
- غلاف كتاب لعدلي الهواري
◄ عود الند: أخبار
▼ موضوعاتي
المفاتيح
- ◄ شؤون ساعة
- ◄ كتب مختلفة
2 مشاركة منتدى
الديمقراطية والإسلام في الأردن, نبيلة دين | 26 أيار (مايو) 2018 - 18:03 1
الكتاب يحمل بين دفتيه موضوعين من اصعب المواضيع .مسائل شائكة يصعب الفصل فيها ،ولكن رغم ذلك استطعتم ان تخوضوا غمار الصعب واستطعتم الجمع بين مايصعب جمعه :الديمقراطية والاسلام .فهنيئا لكم بذلك .ووفقكم الله لمزيد من الاصدارات والمؤلفات ...
الديمقراطية والإسلام في الأردن, هدى الدهان | 1 حزيران (يونيو) 2018 - 07:58 2
مع اني ضد الربط بين الدين وبين اي شء في الحياة المدنية ومنها الديمقراطية والتي اصلا انا لاافضلها بل ولاتنفع اطلاقا مع الشعوب العربية الا ان فكرة وجود ناهب دولي او عدة جهات ناهبةمتحدة المصالح فكرة حقيقية قائمة اوضحها الدكتور بتفصيل بسيط وسهل من خلال سطور الكتاب .