رياض حلايقة
مقتطف من رواية رجل من الماضي
كانت حكاية جو أشبه بأسطورة تناقلتها الأجيال. سميت البلدة جيرسي. في شارع فرانكلين مقهى روبرت.
فوجئ بكيس ملقى أمام المقهى. اتصل بالشرطة. كانت جثة محنطة. بعد أيام ظهر رجل كابوي بصورة غريبة. سأل الرجل: ما اسم هذه البلدة؟ أجابوا: جيرسي. قال في نفسه: أين ذهبت قريتي؟ غادر غاضبا. توجه إلى حديقة وسط البلدة. ألقت الشرطة القبض عليه. تابعت الصحفية سوزي الأحداث.
"ما اسمك؟" سأله المحقق.
"جو مارتن ويلسون"، أجاب الرجل.
"عمرك؟"
لم يجب الرجل.
"ألم تسمع السؤال؟ كم عمرك؟"
نظر الرجل للمحقق نظرة عدائية مشوبة بالخوف والحذر. "خمسة وأربعون عاماً."
"لا يبدو عليك ذلك، لماذا تكذب؟"
"ولدت عام 1815".
نظر الرجل إلى التقويم الذي أمامه على المكتب، وعندما قرأه 15/6/1985، انتابه شعور بالغرور واعتقد أن الرجل الذي أمامه مجنون، أو ربما يكون صيداً ثميناً.
"من أين أنت؟ أين مكان إقامتك الحالي؟"
احتار الرجل بماذا يجيب، فقريته التي غادرها قبل شهور قليلة، كما يعتقد، لم يعد لها وجود.
اتهم الرجل بالإرهاب والجاسوسية والقتل. لم يكن الرجل يحمل بطاقة. زج في السجن. عمم عنه في وسائل الإعلام. وردت برقية من مشفى بلدة ترنتون تقول إن الرجل هرب، وسيحضر الطبيب ووالداه. ثم وردت برقية من سجن مدينة نيوراك تؤكد أنه قاتل هرب من عربة السجن، وأحضر الضابط أوراقا تثبت صدق كلامه. احتار المحقق وقرر ترحيل المتهم إلى مدينة ترنتون.
المتهم يؤكد أنه جو ويسأل عن زوجته وأولاده. حضر الطبيب ووالدا المريض. لم يعترف الرجل بهم. أخبرت الأم المحقق عن علامة في جسده نتيجة إجراء عملية جراحية قبل سنتين.
أحست سوزي أن المتهم صادق لكنه غير سوي، ووعدت بمساعدته. أخبر المتهم المحقق أنه عاش مع مخلوقات غريبة شهورا وتعلم لغتهم، وعندما عاد وجد قريته تغيرت.
[...]
أخبر المتهم أن لديه دليلا على صدق كلامه: أنه دفن أمام منزله قطعا نقدية قبل سفره مع المزارع. ذهب الجميع إلى بيته الخرب. لكن سوزي اتهمته بالكذب والخداع، وأخبرت المحقق أن هذه الأرض لوالدها. أخبرها أنه سيثبت أن الأرض له، وعرف عن القطع النقدية: عددها وقيمتها.
في مكان تراكمت فيه الأعشاب والقاذورات، أخرج علبة صدئة وأخرج النقود كما أخبر عنها بالضبط، فالمكان لم يمسه إنسان منذ عقود.
راجع المحقق سجل الأرض، فوجد أنها لوالد سوزي، وعرف أن جو أول من ملكها.
عرفت سوزي أن لحظة اختفاء المتهم من المشفى هي نفس اللحظة التي ظهر فيها في المقهى، وأن سام اختفى من منزله وعاد بصورة غريبة، وأنه اختفى أكثر من مرة وكان يعود وحده.
حول المتهم للقضاء، ووكلت المحكمة محاميا، ووكل والده محاميا، ووكل قائد السجن محاميا على أنه جيرالد.
سخر القاضي من كلام المتهم الغريب عن كواكب أخرى ومخلوقات غريبة. وأخبر المتهم أن أصدقاءه في القاعة، وباستطاعته الهروب معهم، لكنه أحب أن يعيش في وطنه، مما زاد في حنق القاضي وسخرية الموجودين.
اختفى من القفص بصورة غريبة لبضع دقائق ثم عاد. أخبرهم أن أصدقاءه حملوه إلى كوكبهم وأخبروه أن في متحف البلدية وثائق لملكية الأرض واتفاقية مع المزارع. طلب القاضي متابعة الأمر، فعلم صدق كلامه.
كتبت سوزي في الصحف قصة المتهم. أعجب مخرج بالقصة. طلب من سوزي إنتاج فيلم عنها. وافق المحقق على الفكرة تحت الحراسة. أقنعت سوزي المتهم بالتمثيل.
◄ عود الند: مختارات
▼ موضوعاتي