عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

هدى الكناني - العراق

رسالة إلكترونية


هدى الكنانيحافية الوجع

سأسير دربي حافية لا أنتعل وجعي، عارية لا أرتدي خوفي، طاوية كتبي ململمة أوراقي. حقيبتي هي وطني ومسكني. دثاري آلاف الحروف والكلمات. اقتات ألمي وأشرب دموعي حد الثمالة حتى تنضب مع آخر رشفة في كأسها. لن أخاف كواسر دهر أو من أو ما قد يحاول أسر روحي فأنا حافية القلب عارية الهم وسأجد ذاتي بل ها قد وجدتها.

ربما

كما أعشق البحر وزبده المتناثر حول فمه العملاق مغريا وممنيا النفس بأن يهديها إحدى محاراته الحبلى بلؤلؤة أو لآلئ، يغريني زبد فنجان قهوتي لأتجرع مرارتها حتى آخر رشفه علّي أعثر على لؤلؤة حظي قابعة تنتظرني في قعرها. لم لا؟ ربما. بل هو إعصار يقين يجتاحني أني سأجد في قعرها لؤلؤة، وقد أجد لآلئ.

أنشبه في الحب وردة؟

حين تتفتح الوردة بكل دلالها وغنجها بتوَاُدٍ وتمهل، نراها يتطاول ويشرأب عنقها. تُرجع أوراقها الخضراء إلى خلفها كراقصة باليه ترفرف بذراعيها الى الوراء كأجنحة طائر يتأهب للطيران رغم يقينها أنها ليست بطائر، تنطلق إلى الأمام بكل عنفوانها وطيشها وفرحتها متخلية عن حذرها وإن لم تجد من يتلقفها، ليتفتح برعمها ورقة ورقة ناثرة ذلك العبير الذي يميز الورقة الواحدة منهن عن الأخرى. حين نحب، نكون هكذا كوردة تفتح أوراقها. كل منا لها عبيرها الذي يميزها عن أخواتها. هكذا أرادنا الله. لذا يَحِن الى عطرنا وتفردنا حتى مَنْ يهجر إحدانا.

رسالة إلكترونية

خائفة أنا بدونك. خائفة أنا بحضورك. أرضع خوفي حين تبتعد واُفطم منه حين تعود. عُد إليّ وأَمْطِرني بسنابل عشقك وفِضْ عليّ بجود وَصلك. أنثرني قمح هوى. التصق بدمي كالتصاق ألوان زيتية بقماش لوحة فنية.

عد إلي فلقد انتفض القلب تمرغا باحثا عن وجه، نظراته سِكِينَة رحمة يَئِد بها كل عذاباته. عُد إلي قبل أن تبيّض عيناي لكثرة ما نظرت إلى الحمام الزاجل علّه يُحضر لي شيئا منك، رغم أن زمان الحمامات ولىّ وما عادت أرجلهن تلتقط إلا التراب والحصى.

يا فارسي الأوحد الذي يمتطي صهوة أحلامي؛ يا مَن لا أمّل رسم ملامحه على صفحات عمري؛ أبعث شوقي إليك أقواس قزح تبدأ هنا من قلبي وترسو عند باب قلبك، فلم لا تتوحد معي في فرحي وحزني؟ ولم أنا وحدي التي تفعل؟

أشتاقك بحجم يأسي من أن أجعل قلبك يستدل ويحس، وجع قلبي.

يقولون" فلنطوي صفحة آلامنا".

أُجيبهم: "بل فلنمزقها، ولكن هل بإمكاننا جعل الصفحة المتصلة بها لا تتخلخل؟ هل بإمكاننا إخفاء آثار تمزيقها؟ هل سيكفينا شريط لاصق وصمغ أو حتى إبرة وخيط في إخفاء آثارها من على صفحات أيامنا؟ وهل سنتمكن من منع غربان الذاكرة من النعيق على شواهد قلوبنا؟".

يقيني حد الارتياب أني سأنهار ما أن يغزوني طوفان عينيك؛ واثقة حد الطيش أنك لن تبادلني ذلك الاجتياح من الاحتياج؛ ويقيني أنني لن استطيع خلع تفاصيل وجهك عن ذاتي كما يُخلع الخاتم من الأصبع.

طفقت أكرر الكلمة، أحاول أن أستسيغها حد الهوس فحفظت جملتي التي صرت أرددها في صحوي ومنامي لألقيها على مسامعك على عجل كي لا يهوي قناع كرامتي بين قدميّ لا مبالاتك.

ولكوني أضعف من أن أقولها أمامك وطوفان نظراتك يلتهم كل حواسي؛ تراجعت عن عزمي. حتى، إن قلتها، وهذا من المستحيلات أمام حضورك الطاغي، فسأسارع أستجدي مقعدا لألوذ به حين تنهار كرامة دمعاتي.

ولكوني ما عدت أبدا أرتضي قرصا مهدئا بديلا عن حل جذريّ لألم ذاكرتي المزمن الذي يجتاحني كل مرة حد الاحتضار، ولكوني قد أفشل في أن أواري آثار تمزيقي لصفحتك من عمري، ولكوني بين شك ويقين في أن تفهم ما أود قوله لك في ثورة ارتباكي وتبعثري،
سأواكب التطور وأفتح بريدا إلكترونيا لكل تلك الأشياء التي أود طيها أو انتزاع صفحتها من حياتي الى الأبد، وسأبدأ برسالة نسيان ابعثها لك.

ها أنا ضغطت على مفتاح الإرسال (send) وليس الحذف (delete) كما كنت أتأهب في ثورة ترددي.

D 25 كانون الثاني (يناير) 2015     A هدى الكناني     C 16 تعليقات

11 مشاركة منتدى

في العدد نفسه

كلمة العدد 104: الفقر والعدالة الاجتماعية

العربية الفصحى واللغة الثالثة

المواطنة بين الدين والعلمانية: لبنان نموذجا

الشعراء الجدد: ظاهرة إعلامية وصوتية؟

انزياح "الغريب" من خلال الممارسة النحتية لمارك بولياي