إدريس بوحوت - المغرب
المثقف ومسألة التغيير
إن الناظر المتبصر في واقع الأمة عموما، وفي الواقع العربي على وجه الخصوص، ليلحظ ما يجري في الساحة العربية، منذ أشهر؛ ابتداء من ثورة "البوعزيزي" التي أشعلت الفتيل، مرورا بساحة التحرير هناك/بمصر، وصولا إلى ما يجري الآن في الساحتين: الليبية واليمنية، وختاما بأحداث "أركانة" بمراكش الحمراء، وبالضبط في ساحة الذاكرة الشعبية، ساحة جامع الفنا، رمز الثقافة والتراث الشعبي المغربي.
ولعل أكبر ما يستدعي التوقف والنظر في هذه الملاحظة ما أصبح يسمى تارة "بالتغيرات"، وطورا "بالثورات"، وأحيانا "بالفورات"، وطورا آخر"بالانتفاضات" والتي يهتف بها الشعب، ويلوح بشعارات بسيطة في تركيبها، لكنها عميقة في دلالتها ووظيفتها؛ من ذلك "الشعب يريد إسقاط النظام" أو كلمة "ارحل". وغيرها من "الكلمات" التي أصبح يحفظها العادي، فضلا عن "المثقف" الذي يتابع بعين فاحصة أحداث هذه الثورات علّه يفهم ألغازها، ويفك رموزها؛ ليقدم أجوبة للعديد من الإشكالات الإستشرافية والتي يمكنه من خلالها أن يشرئب نحو المستقبل الحابل بمجموعة من المفاجآت، أو أنه يطرحها ليقف على الإرهاصات المستقبلية التي توحي بها كل الأحداث الجارية في مختلف الدول العربية. وأخيرا في العالم بعد وضع الحد لحياة أسامة بن لادن، زعيم القاعدة، في باكستان. أو عله يكوِّن ويجد الخيطَ الناظمَ لكل ما يجري في الساحة العربية والعالمية.
إن هذه الملاحظة، في اعتقادي، هي مربط الفرس بالنسبة لتحديد دور "المثقف" تجاه التغيرات التي تعرفها الساحة العربية. فإلى أي حد يسهم "المثقف" في التغيير؟ وهل كل مثقف يسعى لتحقيق هذا التغيير؟ ثم ما المعوقات التي تعيق المكونات الثقافية عن الإسهام الفعلي والهادف في تحقيق التغيير المنشود؟ وأخيرا ما الشروط اللازم توفرها حتى يتسنى للمثقف أن يخترق الواقع ويسهم في تغييره؟ وهل كل مثقف يسعى لتحقيق هذا التغيير؟
تلك هي الإشكالات الكبرى التي تسعى هذه الورقة الإجابة عنها.
المثقف وإمكانية التغيير
حين نتحدث عن الإنسان المثقف <
إذا، المثقف هو إنسان قد يترعرع في وسط اجتماعي معين، يختلف باختلاف الأزمنة، والبنيات الاجتماعية (الأسرية، والتعليمية، والإعلامية، والجمعية، والدينية ...) ولا يمكن الحديث عن "المثقف: الإنسان" دون استحضار هذه المؤسسات الاجتماعية: مؤسسة الأسرة؛ مؤسسة التربية والتعليم؛ مؤسسات المجتمع المدني؛ مؤسسات الإعلام، بالإضافة إلى المؤسسات الدينية (المسجد)، والمؤسسات السياسية والنقابية.
لماذا هذه المؤسسات وما أهميتها؟
قد يتبادر إلى ذهن القارئ السؤال التالي: لماذا هذه المؤسسات؟ وما أهميتها؟ نقول للقارئ السائل: إن كنت مستعجلا الجوابَ، وترغب في الرد المختصر والسريع فهو باختصار شديد، لأن "المثقف" إنسان يعيش في المجتمع، وفيه يغير.
أما بيان ذلك بشكل تفصيلي فنقول بالنسبة لمن ديدنه التروي، وجُبِلَ على الرزانة والتأني، وافتحاص الأمور وتقبلها: إن الشخص "المثقف" يعيش ضمن مثلث، وأزعم أن تسميته "المثلث الاجتماعية". وأعني به (الأسرة، ثم مؤسسات المجتمع المدني: المدرسة، المجتمع المدني بكل مكوناته، ثم مؤسسات سياسية)؛ لذلك أقترح الشكل التالي لإبراز تموقع المثقف:
ولعل الشكل أعلاه يبرز "الموقع المحوري" للمثقف ضمن مختلف البنيات الاجتماعية التي تتبادل التأثير والتأثر فيما بينها، كما نلاحظ أيضا دور المثقف نفسه الذي قد يكون موضوع تأثر الأطراف الأخرى.
ولا يعني احتلال/تبوؤ، المثقف الحيز المحوري/الموقع الاستراتيجي مقارنة مع التنظيمات الاجتماعية التي تقع في الهامش، أنه "محظوظ"؛ لذلك ارتأينا وضع الجملة الإسمية "الموقع المحوري" بين مزدوجتين، وذلك أنه يمكن أن ينظر إليه من بعدين اثنين: الأول التأثير والتغيير والثاني التأثر والذوبان.
البعد الأول: التأثير والتغيير
أما لماذا هذا البعد أولا، فأزعم أنه الوضع الصحيح، والمنطقي للإنسان "المثقف". أما الدليل فقد سبق أن أشرنا إلى أن الإنسانية هي الرابط الشمولي بين بني البشر. وعليه، نقول إن الرابط بين كل هذه المكونات والتنظيمات الاجتماعية في المثلث الاجتماعي، هو "الإنسانية" أيضا. لذلك تكون النتيجة المنطقية الكبرى هي أن كل "الإنسانية" التي تكوِّن تلك التنظيمات أعلاه هي بريئة. وفي اعتقادي أن شرط البراءة المتحدث عنه هنا شرط لازم في كل هذه المكونات، عموما، وفي المثقف على وجه أخص.
وبناء عليه، نقول إنه كلما كان عنصر أو شرط "البراءة" متوفرا في الأسرة الإنسانية التي يترعرع فيها "المثقف"، وفي مختلف الهيآت والتنظيمات الاجتماعية والسياسية التي تحتضن هذا "المثقف"، إلا وأسعف ذلك هذا المثقف، وأهَّله ليقوم بالدور الريادي المنوط به؛ أي يحقق التغيير، ويسهم في التنمية الاجتماعية والسياسية، وكذا التنمية البديلة لوطنية ولأمته على حد سواء.
أما الأمثلة للمثقف المغير والمؤثر في المجتمع، فأعتقد أن التاريخ يزخر بنماذج حية، ومنقوشة في الذاكرة الإنسانية سواء المغربية أو المغاربية، أو العربية، أو العالمية. وعلى سبيل المثال، لا الحصر، نذكر فاطمة الفهرية، عبد الله بن ياسين، الأمير عبد القادر الجزائري، عبد الكريم الخطابي، ابن خلدون، محمد الفاتح، طارق بن زياد، صلاح الدين الأيوبي، نور الدين زنكي، عبد الحميد بن باديس، محمد عبده، ابن رشد، مالك بن نبي، إلى آخره؛ ومن الجيل القرآني الفريد: ابن عباس، أسامة بن زيد، حنظلة، عمر بن عبد العزيز؛ ومن الغرب: مارتن لوثر، وأديسون، وأينشتاين، وجان جاك روسو. واللائحة طويلة. وهؤلاء كلهم، وغيرهم كثر، أسهموا في التغيير؛ كل في تخصص، أو جانب معين، أو مجال معين.
ومن هنا نفهم أن التغيير الذي نتحدث عنه ليس بمعناه العمودي، أو الثوري ولا حتى الرادكالي؛ بل إن التغيير معناه أن تضيف شيئا جميلا وحسنا إلى "الآخر". أن تغير معناه أن تكون وسيلة بناء لا معول هدم. إن التغيير معناه أن تسهم في تنمية نفسك، أسرتك، محيطك، قريتك، مؤسستك، وطنك، أمتك. أن تغير معناه أن تضع بصمتك في الحياة، وتترك أثرا طيبا تذكر به وأنت غائب غيابا حكميا أو حقيقيا بعد الموت. أن تغير معناه أن تخلص في عملك، تجارتك، حرفتك، وظيفتك ومكتبك.
والتغيير بهذا المعنى، يتحقق بفضل الأسرة المسؤولة، والمجتمع المدني النظيف، والمدرسة المواطنة، والحزب السياسي الشريف، والنقابة النزيهة. إذا تحقق كل هذا نكون فد أعددنا المثقف المؤهل القادر على التغيير والتنمية. وفي غياب هذا البعد تتحول التنظيمات "الهوامش/حسب الشكل" إلى معاول هدم تنخر جسم المثقف، وتضعف قواه، وتجهض أفكاره، وتبتلغ كل طموحاته ومشاريعه الثقافية الطموحة.
البعد الثاني: التأثر والذوبان
إذا كان البعد الأول هو الأصل، فإن البعد الثاني فرعي وطارئ لا أصل له في الأصل، ولكنه "أصل في الواقع الاجتماعي". وأعتقد أن هذه المفارقة اللامنطقية التي يتحول فيها "العارض" إلى "الأصيل" هي مكمن الخلل، وأصل الداء الاجتماعي الذي نعيش ويلاتِه في مختلف المجالات، وعلى كافة الأصعدة وخاصة في جوانبها الثقافية.
ومن مؤشرات هذه المفارقة، أو الأدواء الاجتماعية ـ إن صح التعبير ـ ما نراه ونعيشه في واقعنا الاجتماعي، حين نسمع من كبار " المثقفين المسئولين" في أي حقل أو تخصص، يدعو إلى خلق الأعذار الواهية لما يحصل هنا وهناك. أو يدعو إلى تكريس "سياسية المشجب"، بدل أن يشخص الواقع المأزوم، ويسعى جادا في اقتراح الحل أو العلاج الأنسب. وأستحضر هنا دور الخطباء والوعاظ، والإعلاميين، والمنتخبين، والنقابيين. فهل كل هؤلاء " المثقفين" استوعبوا جسامة المسؤولية الدينية، والسياسية، والنقابية المنوطة بهم؟ وهل كلهم يسعون للتغيير، كل من موقعه، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ ثم لماذا يلتجئ بعض المثقفين إلى نهج "سياسة المشجب"، وترك الحبل على الغارب، مع أنه محسوب على الثقافة، ولربما عًد من كبار المثقفين؟
أترك الإجابة للقارئ، ولهؤلاء المثقفين أنفسهم، لكن لو سمحت أخي القارئ، وسمح معشر المثقفين، بكلمة أقولها في هذا الصدد وهي أنك مسؤول عن هذه "الثقافة" التي تحملها بين جنباتك، ومطالب بالتغيير والتنمية لصالح وطنك ومستقبل أمتك.
إذا، البعد الثاني بعد سلبي، يحيل " المثقف" إلى متأثر ومستهلك، ولا ينتج رغم أنه قد يكون موسوعة ثقافية. يتحول إلى كائن فقير لا مناعة له لصد كل تلك التيارات والعواصف التي تكاد تجتث كيانه مما يؤدي به إلى "الانصهار والذوبان" داخل التيارات الاجتماعية السلبية السائدة، فيصيح مثقفا في صورة العوام.
معوقات التغيير
نستنتج مما سبق أنه كم من مثقف، من ذوي النيات الحسنة، ولج عالم الثقافة الذي أهله لتقلد المناصب، وتحمل المسؤوليات في مجال الصحة، أو التعليم، أو السياسة وغير ذلك من مجالات. لكنه ما لبث أن" انهارت قواه"، وخيبت آماله ولم يحقق مسعاه؛ لعوارض عرضت له، وعوائق لم تكن في الحسبان فأثنت عزمه. ولربما "لبراءته " أو "سذاجته "، كان متحمسا للعمل الثقافي، والتغيير الاجتماعي، والإسهام التنتموي الفعلي. لكن هذا الحماس لم يُجدِ نفعا، لوجود "إكراهات" أشد صلابة من حماسه المصاب بالوهن. فما هي، إذن، معوقات التغيير التي تحول بين المثقف والمجتمع؟
يمكن إجمال المعوقات التي تثني عزم المثقف، وتثبط همته في نوعين:
أولا: معوقات ذاتية
إن العمل الثقافي عموما، والمثقف العربي خصوصا، تعتوره مجموعة من التحديات التي تقض مضجعه، ويجد فيها المثقف نفسه مسلوب الإرادة الثقافية، والحرية الفكرية ليغير الواقع، أو ليعبر بصدق وأريحية عما يجري في الواقع. وهكذا نجد المثقف في أحيان كثيرة يشعر باليأس، وباللاتواصل مع الحراك الاجتماعي، ولا يتفاعل مع واقعه الاجتماعي. وأستحضر هنا مختلف المثقفين المبدعين من أدباء وشعراء وحكواتيين الذين تزخر بهم الذاكرة الشعبية، وإعلاميين مشهورين، ومفكرين مرموقين.
ولا شك أن هذا الوضع نكون فيه أمام "مثقف معوق" إعاقة ذاتية. وتتجلى هذه الإعاقة في العجز عن تصريف الثقافة في بوثقتها التي من خلالها يمكن للمثقف أن يغير أو يدعو إلى التغيير. ولعل أبرز المعوقات الذاتية التي يعاني منها بعض المثقفين الذين يجدون أنفسهم خارج التاريخ، وملفوظين، ولا دور لهم في "بناء الذات العربية " هي كالتالي:
النقص في التكوين الثقاقي، حسب التخصص الذي ينتمي إليه المثقف.
عدم الأهلية والكفاءة التي تؤهله لتقلد المسؤولية الثقافية الملقاة على عاتقه.
الخوف من فقدان المنصب "حب الكرسي الثقافي" الذي يتربع عليه.
النفاق الاجتماعي الذي يجعله يتقنع بالقناع الثقافي، بدل الثبوت على الوجه الثقافي الحقيقي.
غياب روح المواطنة مما يدفعه إلى عدم الاكتراث بوطنه وما يجري فيه من أحداث.
عدم مناسبته للمهمة الثقافية، أو عدم مناسبة المهمة الثقافية لهم/ المسؤولية الثقافية إلي يتولى رعايتها باسم " المثقف "!
الاستكانة والرضا بالواقع الحالي.
عدم الإيمان بجدوى التغيير.
اليأس والإحباط الذي يقتل فيه الطموح، ويفقده نفَسَ التحدي.
ثانيا: معوقات موضوعية
إذا كان النوع الأول من المعوقات ترجع إلى الشخص المثقف نفسه، فإن النوع الثاني لا دخل له فيه. لذلك نزعم أنها موضوعية ــ وإن كان الفصل جد صعب بين هذه وتلك نظرا للتأثير العلائقي بينهما ــ تصدر من "ذوات" أو "جهات" تكون بعيدة عن المثقف، غالبا. ويمكن إجمال هذه المعوقات فيما يلي:
مقاومة التغيير من أتباع المثقف أنفسهم؛ والاضطهاد والقهر وكل أنواع التجاهل والحرمان. وهنا يصدق المثل القائل: " عندما كان حيا كان مشتاقا لتمره، وعندما مات أهدي له عرجون؛ وتهميش المثقف وعدم إشراكه في اتخاذ القرارات المصيرية؛ والخوف على المكاسب والمناصب؛ وعدم احترام التخصصات الثقافية.
تلك هي مجمل التحديات التي تقف ججر عثرة أمام المثقف الذي يرنو إلى التغيير.
مستويات التغيير
لابد من الإشارة أننا حين نتحدث عن التغيير فإنه يجب استحضار عدة أبعاد ومستويات والتي يمكن أن يطالها التغيير، وتعطى لها العناية الكافية من طرف المثقف الذي يريد أن يغير. ويمكن إجمال هذه المستويات بشكل مقتضب في الآتي:
تغيير على مستوى الذات/الفرد؛ تغيير على مستوى الجماعة/المجموعة/الفريق؛ تغيير على مستوى المؤسسة؛ تغيير على مستوى الوطن؛ وتغيير على مستوى العالم.
والتغيير في جميع هذه المستويات إما أن يكون تدريجيا أو جذريا (ثوريا).
الشروط اللازب توفرها لتحقيق التغيير.
إذا كانت المعوقات موانع تقف سدا منيعا، وحاجزا قويا أمام المثقف الذي ينشد التغيير فإنه لتجاوز تلك المعوقات لابد من شروط، أيضا، ذاتية وموضوعية يمكن اعتبارها الحل الأنسب لتجاوز تلك الموانع التي تكبح عمليات التغيير. ويمكن إجمال هذه الشروط على الشكل التالي:
الشروط الذاتية: ولعل أهم هذه الشروط:
القدرات العقلية:
الذكاء: التفكير؛ المنهج؛ ربط الأسباب بالمسببات؛ سرعة البديهة؛ التحليل؛
بعد النظر: المخيال الواسع؛ الأخذ بعين الاعتبار كل الاحتمالات الممكنة؛
قوة الرصد: أي رصد الظواهر الاجتماعية؛ الاختيار بين البدائل؛ القدرة على تعديل الخطط؛؛ الاستفادة من التجارب التريخية؛ استشراف المستقبل؛
وضوح الرؤية والهدف؛
القدرة على فهم رد الفعل عند الجماهير؛
التسلح بالعلم والمعرفة (الثقافة العميقة والرصينة في مجال التخصص)؛
المقومات الشخصية من قبيل الحكمة والتبصر؛ والتحلي بروح المسؤولية؛ الشجاعة، ونقصد بها هنا "القوة النفسية المنضبطة في مواجهة المشكلات الاجتماعية بتأن وتدبر وحكمة"؛ القدرة على التغيير؛ والقدرة على تهيئة القادة وأنصار التغيير.
الصفات الخلقية من قبيل الاستقامة والصدق؛ العدل حتى مع المخالف؛ التواضع وحسن الإصغاء؛ الصبر والعفو والتسامح.
الشروط الموضوعية
تشمل هذه الشروط الإيمان الراسخ بأن التغيير سنة إلهية، وناموس كوني ماض في كونه وخلقه؛ ودمقرطة التعليم، وإعداد المدرسة المواطنة؛ والمحافظة على الاستقرار الأسري؛ وفسح المجال للمثقف للاندماج الكلي والفعلي في الواقع الاجتماعي دون قيد أو شرط؛ ووضع الإنسان المثقف (رجلا كان أو امرأة) المناسب في المكان المناسب؛ ورفع جميع أشكال الوصاية التي قد تمارس على المثقف.
عود على بدء
يتضح مما سبق أن التغيير شيء حتمي لا مفر منه، لكن المشكل يكمن أساسا في مدى قدرة انخراط المثقف في العمليات التغييرية. ثم إن هذه القدرة تتأرجح بين التحقق أحيانا، إن أتيحت لها فرصة التحقق، وتميل نحو الذبول والخمول في أحيان كثيرة!. ومن هنا نستنتج أنه كم من شخص يًحسب على " الثقافة "، لكنه يخرب هذه الثقافة أكثر ما يسهم في بنائها. وعليه، فهو من باب الأولى لا يسهم في التغيير المنشود الذي تقتضيه " الثقافة البانية "؛ وتبعا لذلك يكون غائبا أو مغيبا عن المحيط الثقافي، وعن ساحات التغيير، ومجالات التنمية، كما انه يكون مثقفا سالبا ولا يقدم الحلول الناجعة للإشكالات المجتمعية الحساسة والقضايا الراهنة.
لذا، نقترح في ختام هذه الورقة انه على المثقف الهادف للتغيير أن يستعين بالصبر لتحقيق أهداف التغيير، التحدي والصمود أمام كل المعيقات، واستحضار البعد الرسالي في مهمته الثقافية.
◄ إدريس بوحوت
▼ موضوعاتي