عــــــود الـــنـــــــد

مـجـلـة ثـقـافـيـة فـصـلـيـة رقـمـيـة

ISSN 1756-4212

الناشر: د. عـدلـي الـهــواري

 

إيمان يونس - مصر

لم يأت بعد + نص آخر


إيمان يونسلم يأت بعد

ظلت حائرة. ماذا ستقدم له كهدية؟ واستقرت على أن تهديه إطارا من الفضة يعكس صورته عندما ينظر إليه وتتراءى له صورتها عليه في الوقت ذاته.

اقترح البائع أن تقدمه في علبة من القطيفة زرقتها داكنة. نظرت إليه ولم تعلق غير بكلمات الشكر.

لكل لون معنى ومغزى. والزرقة لن تتناسب مع مقصدها. الفضة ستبوح بكلمات لن تكتبها؛ إذن فلتضعه في صندوق من اللون الذهبي لأن صمته أبلغ من الكلام.

عند انتصاف الليل، جلست إلى جواره وقدمت له الهدية وقالت: "كل سنة وأنت حبيبي".

تهلل وجهه فرحا وضمها إلى صدره وقبلها وقال: "كل سنة وأنتِ حبيبتي".

مكثت جواره وهو يفتح الهدية تتأمل تعبيراته، متشوقة إلى تعليقاته.

لمس الوردة الحمراء دون أن تتوهج مشاعره. فتح غطاء الصندوق ووضعه جانبا مقتبسا من لونه السكوت. أزاح الورود الجافة دون أن يهتم بعدّها، وهي تمثل سنوات زواجهما. نزع غطاء التُل الملفوف به الإطار دفعة واحدة. لم يتنبه أنه ذات التل الذي صُنعت منه طرحة فستان زفافها. قلب الإطار بين يديه ومده إلى أقصى بعد وقال:

"فخم جدًا. والأحجار الكريمة تكتب حرف اسمي بالإنجليزية من جهة اليسار وحرف أسمك بالعربية من الجهة اليمنى".

ضحكت ضحكة عريضة وقالت:

"أخيرا لاحظت بعض الجهد المبذول بتلك الهدية. أرجوك دقق بها: لكل لون مدلوله، ولكل شيء موضوع مغزى".

قال مازحا: "هذه فزورة لا هدية إذن".

قالت: "سأمنحك وقتا كافيا حتى الصباح؛ بعدها سأساعدك على فك شفراتها".

وفي الصباح بحثت عن الصندوق الذهبي. لم تجده. فتشت عن أي هدية تخصها هنا أو هناك دون جدوى. أصيبت بخيبة أمل.

فتحت التلفاز ومذيعة البرنامج تقول اليوم الموافق "..." دققت بالشاشة. البرنامج بث مباشر. رقص قلبها فرحا. عيد زواجهما لم يأت بعد.


إليه

متيقنة أن ظهوري بندوة الأمس أربكك. وارتعاشة حبالك الصوتية وأنت تلقي إحدى قصائد ديوانك شاهدة. وتفصد العرق من جبينك عندما صوبت إليك نظرات التحدي دليل قاطع.

أعلم أن كل حساباتك اختلّت بصعودي إلى المنصة بخطواتِ واثقةِ. قد بُهت بحديثي وثنائي على مجمل قصائدك، ودُهشت لإطرائي على قلمك الذي يفيض بالمشاعر وحسك الراقي.

ترقرقت الدموع بمقلتي رغما عني وتعلقت كلماتي بحلقي حتى لفظتها من أعماق ألمي.

قُوبلت بالتصفيق الحار، وسرقت منك الأضواء، وهرول إلي الإعلاميون بالكاميرات والتسجيلات راغبين في المزيد من التصريحات. حالوا بيني وبينك حتى انصرفت من قاعة الاحتفال دون أن يجمعني بك حديث مباشر، لأني حضرت من أجلي، لا من أجلك أنت.

إليها

ظهورك بالأمس أسعدني وأعاد لي نفسي التي هجرتني، وعرفت أني بدونك خسارتي فادحة. لم أكن شاعرا حتى لامس حُبك قلبي. أنتِ ملهمتي المتربعة على عرش قلبي.

أعذريني فكل العبارات أمام حضورك صغيرة، وكل المشاعر في عالم عطائك خجولة، فأسمحي لي بكلماتي، خميلة العاجز كلمات، ولكني أطلب السماح والغفران ووصل ما بيننا لتعود للحياة بهجتها، وترد لي روحي الساكنة بين ضلوعك.

D 25 كانون الثاني (يناير) 2014     A إيمان يونس     C 10 تعليقات

5 مشاركة منتدى

  • الاستاذة ايمان.
    نصك كلاسيكي جميل ولغته جميلة مفهومة، لكنه بصراحة لا يحمل مفاجآت. بوجهة نظري لو اسهبت قليلا في تفاصيل النص الاول لخرج لنا بشكل اجمل.

    نصوصك جميلة ونتوق لقراءة ابداعاتك الجديدة.


    • “” أ / محمد التميمى ..سعدت بكلماتك وما فيها من مدحٍ وسعدت أكثر بقراءتك النقدية وما تراه من قصورٍ بالنصوص ..رأي القارىء الواعى محل تقديرى وإهتمامى ومرحبًا بكل أنواع النقد البناء وأحيطك علمًا لى نصوص أخرى بالعدد السابق أتمنى أن تطلع عليها وتوافينى برأيك الثاقب ..تحياتى وتقديرى

  • ايمان يونس
    كم تسعدنا نحن النساء هذه التفاصيل الصغيرة التي تغمر قلوبنا بفيض احاسيس وردية .
    في نصك الاول لقد الهمت الكثير من النساء في هدية رقيقة كضحكتك .
    وقد كانت البطلة غاية في الرومانسية ، اما الثاني كم كانت الانثى قوية حين سرقت الاضواء ممن كان السبب في المها.
    وفي الثالث خطت اناملك كلمات طالما تاقت وحلمت كل امراة ان تسمعها ممن تحب.
    اسعدتنا ياسيدتي
    بالتوفيق

    هدى الكناني


  • استاذة ايمان .. سعيد بقراءة نصوصك الثلاثة.. استمعت بها وخاصة النص الثاني.. كم كانت المشاعر فيه قوية .. واختيار الكلمات عكس صدى مشاعرها بداخلي .. اعتقد ان النص الثالث ما تتمناه هي ان يحادث به هي ،شعرت بذلك .. اما النص الاول فقد راقت لي تلك الهدية وكل تفاصيلها ..وتمنيت لو طال اكثر حتى موعد عيد زواجهما الذي لم يأت بعد .. سلمت يداك


    • أ / مهند فودة ...كل التحية والتقدير للإهتمام بالنصوص الثلاثة وتعليقكم به تحليل موضوعى وبناء للنصوص ناتج عن حُسن تعايشكم مع كل نص بمشاعركم الفياضة وروحكم الإبداعية ككاتب وقارىء معًا وبخصوص النص الثالث لن أجادل فيما وصلكم كمتلقى ويبقى المعنى في بطن الشاعر دائمًا وأبدًا وشكرى وأمتنانى لإطرائكم الجميل على النص الأول والثانى ...دمتم ودام عبق مروركم

  • الأستاذة إيمان يونس

    لا تُتْعِبي نفسكِ يا سيِّدتي
    فلو مَنَحَتْه العمرَ كلَّهُ..؟
    سيتهمُها بالتقصير
    ولن يكتشفَ صدقها وأمانتَها
    وإن لامسَ رقتّها أحياناً..؟
    إلاّ أن غباءَه سينالُ من سحرِها مرة أخرى

    الإشارة إلى السكوت ومقارنته بالذهب أتت في موضعها
    صورة مشرقة في التعبير عن المشاعر الراقية
    أرجو لك مزيداً من التوفيق، والكتابة المثمرة لَوْزاً وتفاحاً جبليا.


    • أ / إبراهيم يوسف ...كل التحيةوالتقدير لإهتمامك بقراءة نص "لم يأت بعد " إنها قراءة الرجل التى أوضحت لى بعض النقاط التى قد غابت عنى خلال السرد وقراءة المبدع الذى قرأ ما بين السطور والعبارات وتمعن في اختيار الألوان إنها قراءة مميزة بمثابة شهادة أعتز بها ..شكرًا لك ولطيب أمنياتك وكلماتك

  • لم يات بعد
    لذة المفاجأة افضل من مطابقة التقويم في الحب ..لايهم اليوم الاستباق احلى
    اليه اليها

    مني اليه ..لماذا لم تتذكر حبك لها الا بعد اعتلائها المنصة وافراد جناحي كلماتها الشعرية كالصقر على ابجديتك الضعيفة ؟
    يعشقون فقط حين ينوون هدم رموزهم العشقية لتبق رموز انتصاراتهم فقط


في العدد نفسه

كلمة العدد 92: تجدد الجدل حول العربية الفصحى والعامية

توظيف التراث في شعر عبد الصبور

علم فوق النسيان: الشيخ حسين المرصفي

دراسة في المقامة العباسية

تهميش العربية في إسرائيل