عدلي الهواري
الأرشيف لماذا؟
- عدلي الهواري مدير الأرشيف
للتوثيق فوائد عديدة، فهو يساعد على حفظ الذكريات، ويؤدي إلى توسيع دائرة انتشار المعلومات، ويسهم في التراكم المعرفي الناتج عن وضع الوثائق في متناول الباحثات والباحثين.
عصر التكنولوجيا وسّع دائرة إيصال المعلومات إلى كل أنحاء العالم، وجعل وضع الوثائق على الإنترنت أفضل ألف مرة من الاحتفاظ بها بصيغة ورقية محبوسة في الأدراج، فيزداد اصفرارها وتدهور حالتها عاما بعد عام.
في أواخر عام 2014، قررت أن أكتب كتابا لتوثيق تجربة العمل الطلابي الفلسطيني في الولايات المتحدة توثيقا جزئيا يقتصر على مرحلة مشاركتي فيها، ومن وجهة نظري، وبالاعتماد على وثائق لدي من تلك المرحلة. كان العام الثلاثون على مغادرتي الولايات المتحدة قد أوشك أن يكتمل، ولذا كان صدور الكتاب "اتحاد الطلبة المغدور" متزامنا مع مرور ثلاثين عاما على المغادرة، وهي فترة أكثر من كافية للحديث عن التجربة دون أن يكون لذلك أثر سلبي على أي من المشاركين فيها.
بعد فرز الوثائق إلى مجلات وبيانات ورسائل وخلافه، خطرت في بالي فكرة تحويلها إلى صيغة رقمية. وبالنظر إلى محدودية الموارد المالية، ولعدم رغبتي في السعي إلى تمويل لأي مشروع أقوم به، قررت أن أقوم بهذا الأمر بنفسي، ولكن على مراحل، ومن الطبيعي أن أبدأ بالجزء الأسهل للتنفيذ، علما بأن الإمكانيات التقنية المتوفرة لدي لا تتجاوز ماسح ضوئي (سكانر) وكاميرا رقمية وحاسوب طبعا. وبالنسبة للبرامج، فكل البرامج المستخدمة برامج مجانية.
بعد البحث عن الصيغة الإلكترونية الأفضل، قررت اعتماد نسق بي دي اف، لأنه ينتج ملفا أصغر بكثير من حجم صيغة الصور بأنماطها المختلفة، وله خيارات تصغير وتكبير لحاجات القراءة، وإمكانية تحويله إلى صورة، ولذا لا أعود بحاجة إلى نسخ الوثيقة الورقية مرتين لحفظها مرة كصورة وأخرى بنسق بي دي اف.
يجري تحويل الوثائق الورقية إلى إلكترونية بوضوح 300 نقطة/بوصة، وهو ما يوصى به مهنيا كحد أدنى، وهذه تكون أحجامها بالكيلوبايت كبيرة. ولذلك، استخدمت صورا لهذه الوثائق لتسهيل التصفح، وإعطاء فكرة عن الوثائق، أي أن الصور ستكون في منزلة كتالوج لمحتوى الأرشيف. أما الوثائق، فسيمكن تحميلها بأحجامها الكبيرة على مراحل أيضا .
ولكني أضفت العددين الأول والثالث من مجلة "الاتحاد" كاملين، بحجم ملف ضخم لكل منهما، وذلك لكي تكون الفكرة واضحة عن عملية الأرشفة الجارية، وقد اخترت هذين العددين ليكونا ضمن هذه المرحلة لأن العدد الأول يحتوي على معلومات عن خلفية تأسيس فرع الاتحاد في الولايات المتحدة، والعدد الثالث خاص بوثائق المؤتمر الثاني، ويتضمن كلمات لأطراف عدة خاطبت المؤتمر.
أرشيف الوثائق التي لدي صغير جدا، مقارنة بأرشيف أي مؤسسة صغيرة، ومع ذلك لن ينتهي العمل الفردي عليه بسرعة. وبدل أن أنهي عملية التحويل إلى صيغة إلكترونية قبل نشر الوثائق، ما يعني وقتا زمنيا لا يقل عن بضعة شهور (وربما أكثر)، وجدت أن الأسلم تقسيم العمل إلى مراحل، ونشر المزيد من الوثائق أسبوعيا أو شهريا. وهذا سيعطي حيوية للموقع إلى أن تكتمل عملية الأرشفة الإلكترونية ونشر جميع الوثائق في الموقع.
المرحلة الأولى مخصصة للوثائق الأصغر حجما، من حجم ايه 4 أو أصغر، وخاصة ذات الصفحات المستقلة. وبعد الانتهاء من هذا سوف يتم الانتقال إلى الأوراق الأكبر حجما، والمرحلة الأخيرة ستكون لمجلات من حجم تابلويد، فهذه سوف تحتاج إلى سكانر متخصص وقادر على تصوير الأوراق من حجم ايه 3 وأكبر.
ولأني أفضّل الأرشيف المفتوح، لا مفر من استخدام علامة مائية على الوثائق المنشورة، فبدونها من المحتمل أن تنسخ وتعرض وكأنها خاصة بمواقع أخرى. العلامة المائية ستبقي الدليل على مصدر الوثائق.
آمل أن يكون في نشر الوثائق فائدة للمهتمين والمهتمات بموضوعاتها وبمرحلتها، وأن توفر حافزا لنشر وثائق تتعلق بتجارب ذات علاقة بالمنظمات الجماهيرية والنقابات، وهكذا لا يكون هناك خطاب مهيمن أو سردية واحدة.
مع أطيب التحيات
عدلي الهواري