كتاب: الديمقراطية والإسلام في الأردن
ف 1: تـوطـئـة
د. عدلي الهواري
يصدر هذا الكتاب لوضع البحث النظري المتعلق بالديمقراطية والإسلام بصورة عامة، والأردن بصورة خاصة، في متناول العرب المهتمين بالمسألتين، فهو في الأصل أعد بالإنجليزية، ومن البديهي أن توفره بالعربية أمر مفيد، فالجمهور المهتم بالمسألتين في الدول العربية يستحق أن يطلع بلغته على بحث حول قضية ذات صلة وثيقة به دينيا وسياسيا وفكريا.
الإسلام والديمقراطية موضوعا بحث لا قرار لكل منهما ولا حدود. وجمعهما في بحث واحد يحتاج إلى صبر وجهد كبيرين لتفادي الغرق في التفاصيل الكثيرة، والمواقف المتناقضة تجاه كل مسألة، فعند الحديث عن الإسلام سيجد المرء مواقف متشددة لا تقبل النقاش في شؤون الدين ومواقف أخرى معادية له. كذلك الأمر بالنسبة إلى الديمقراطية، فثمة مواقف تعتبرها حلا سحريا لكل شيء، ويجب أن تنتشر في جميع دول العالم حتى بالقوة. وفي المقابل، هناك مواقف ترفضها استنادا إلى منطلقات فكرية متناقضة، وبالتالي من المفارقات أن يتفق يمينيون مع يساريين على رفض الديمقراطية، رغم اختلافهم على ما سواها.
لتسهيل مهمتي كباحث جمع هذين الموضوعين، اخترت الأردن كحالة دراسية لأسباب عدة، منها أن الملك حسين، ملك الأردن، أعلن في عام 1989 أن البلاد سوف تستأنف الحياة الديمقراطية. يضاف إلى ذلك أن الأسرة الحاكمة في الأردن تفتخر بانتسابها إلى النبي محمد، وهذا النسب كثيرا ما يشار إليه كمصدر لشرعية الحكم.
والأردن بلد صغير حديث النشأة نسبيا. وبالنظر إلى افتقاره إلى الموارد الطبيعية المتوفرة في الدول المجاورة، وخاصة النفط، فإن اقتصاده موضوع مثير لاهتمام الباحثات والباحثين في الشؤون الاقتصادية. ويصنف الاقتصاد الأردني بأنه ريعي لاعتماده على المعونات العربية والأجنبية.
ونادرا ما يغيب الأردن عن الأخبار إما نتيجة التطورات الداخلية، أو الأحداث في المنطقة العربية. ولذلك، يسلط الضوء عليه نتيجة وجود دور له، سياسي أو دبلوماسي، أو نتيجة استقباله أعدادا كبيرة من اللاجئين مثلما حدث وقت نكبة فلسطين عام 1948، أو بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990، أو بسبب الحرب على العراق والحصار الاقتصادي الذي فرض عليه، أو النزاع المسلح الذي اندلع في سورية وأسفر عن تشرد ملايين السوريين ولجوئهم إلى الدول المجاورة ومنها الأردن.
هذه الأسباب مجتمعة جعلت من الممكن اختبار حجج عدم التوافق بين الديمقراطية والإسلام من ناحية نظرية وتطبيقية. فإذا تبين أن الأردن قد أصبح بلدا ديمقراطيا، فإن هذا دليل عملي يؤكد استنتاج وجود توافق نظري بين الديمقراطية والإسلام. على مدى خمس سنوات (2006-2012) أجريت بحثا أكاديميا كان له مساران: نظري وتطبيقي. يصدر هذا الكتاب لوضع البحث النظري المتعلق بالديمقراطية والإسلام بصورة عامة، والأردن بصورة خاصة، في متناول العرب المهتمين بالمسألتين، فهو في الأصل أعد بالإنجليزية، ومن البديهي أن توفره بالعربية أمر مفيد، فالجمهور المهتم بالمسألتين في الدول العربية يستحق أن يطلع بلغته على بحث حول قضية ذات صلة وثيقة به دينيا وسياسيا وفكريا.
اعتمد بحثي على مراجع عربية عديدة، وترجمت الاقتباسات منها إلى الإنجليزية. ومن حق القارئ أن يتوقع مني أن أضمّن الكتاب الاقتباسات كما وردت في المراجع العربية التي استعنت بها. حرصت على ذلك طبعا. ولكن كما هو معلوم، لا يستطيع الباحث أن يمتلك كل المراجع التي يستعين بها، ففي الكثير من الحالات تكون المراجع كتبا استعيرت من المكتبات الجامعية، وأرجعت إليها بعد انتهاء علاقة الباحث بالجامعة التي درس فيها.
وبحثت في الإنترنت عن الكتب العربية التي استعرتها من المكتبات الجامعية، فوجدت بعضها. ولكن بعضا آخر غير موجود، وبالتالي أجدني مضطرا لإعادة الاقتباسات إلى عربية مترجمة. لذا، تقتضي الدقة والأمانة العلمية أن أشير إلى أنه سينتج عن ذلك اختلاف في المفردات، ولكن المعنى سيكون واحدا.
قبل تسليم الرسالة في صيف عام 2012، كانت احتجاجات جماهيرية قد اندلعت في بعض الدول العربية. لذلك، قررت أن أشير في فصل إضافي قصير إلى هذه الأحداث رغم أنها في ذلك الوقت كانت ساخنة ومتسارعة. ولأن هذا الكتاب يصدر بعد ست سنوات تقريبا من اندلاع موجة الاحتجاجات، فقد أضفت تحديثا لما كتبت في عام 2012، فالفترة التي مرت منذ ذلك الحين كانت كافية للتفكير في الأمر وتحليله والوصول إلى استنتاجات تستند إلى الأدلة والواقع وليس التكهنات.
تصادف أن العمل على إعداد هذا الكتاب للنشر اكتمل أثناء فترة سادت في الأردن خلالها حالة من الاستياء الشعبي بسبب رفع الدعم عن أساسيات مثل الخبز، الأمر الذي ذكّر بأجواء ما سمي «هبة نيسان» التي حدثت في الأردن في نيسان 1989، عندما شهدت مدن جنوب الأردن احتجاجات على إجراءات اقتصادية. وكان من نتائج معالجة الأوضاع التي أدت إلى اندلاع الهبة الإعلان عن إجراء انتخابات نيابية هي الأولى من نوعها منذ عام 1967، وكان ذلك بداية لمرحلة جديدة يشار إليها كثيرا بوصف الديمقراطية.
ولكن تشابه الأجواء في عام 2018 مع تلك التي سبقت هبة نيسان عام 1989 لا يعني أن هبة ثانية سوف تحدث، فكل مرحلة لها ظروف مختلفة قد تجعل رد الفعل الغاضب على الإجراءات الاقتصادية الحكومية عام 1989 غير مناسب في عام 2018 نتيجة مجموعة من العوامل وعلى رأسها أن دول المنطقة شهدت تمزقا وعدم استقرار نتيجة تحول المطالب السلمية بالتغيير إلى نزاعات مسلحة لا تزال مستمرة في سورية. وبالتالي، ليس من مصلحة الشعب في الأردن أن يفلت زمام الأمور في البلاد نتيجة الاحتجاج على الإجراءات الاقتصادية الجديدة. غير أني هنا لا أخوض في التنبؤات بشأن ما قد يحصل، فهذه ليست مهمة الباحث.
ويحدوني الأمل أن يصدر الجزء الثاني من الرسالة، المتعلق بالمسار التطبيقي من البحث، قبل نهاية العام الجاري.
عدلي الهواري
آذار 2018
لندن
عرض مباشر : خبر صدور الكتاب في ميدل ايست أنلاين
توثيق المقتطفات من الكتاب في الهوامش (أسلوب شيكاغو):
النسخة الورقية:
1. عدلي الهواري، الديمقراطية والإسلام في الأردن: 1990-2010 (لندن: عود الند، 2018)، ص - -.
توثيق النقل من الموقع:
يحذف من التفاصيل أعلاه رقم الصفحة، ويضاف إليها رابط الصفحة المنقول منها.
توثيق الكتاب في قائمة المراجع:الهواري، عدلي. الديمقراطية والإسلام في الأردن: 1990-2010. لندن: عود الند، 2018.
عنوان الكتاب يكتب بخط مائل أو يوضع تحته خط.
- غلاف متوسط: الديمقراطية والإسلام